رسالة الادارة بالاحتفال
تاريخ النشر : 2021-09-16 14:01

سياسة الولايات المتحدة تجاه دولة المشروع الصهيوني الاستعمارية لا تغيرها الإدارات المتعاقبة بغض النظر عن الحزب الحاكم، جمهوريا ام ديمقراطيا كان. فكلا الحزبين لا يحيدان عن الدعم المطلق للدولة الكولونيالية، وكل إدارة تعمق سياسة الإدارة التي سبقتها، وتتنافس كلاهما في البحث عن سبل استرضاء واشباع رغبات وطموحات الدولة المارقة والخارجة على القانون، وتدعم سياساتها العدوانية دون حرج بغض النظر عن الجرائم الوحشية، التي تقترفها ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني ومصالحه الوطنية العليا. وتنافح عنها في المنابر الدولية، وتغطي موبقاتها، وتضيء لها الضوء الأخضر لارتكاب المزيد من المذابح والانتهاكات تحت يافطة وشعار "من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها".

وإن برز تباين ما بين احدى الإدارات وحكومة إسرائيلية ما، كما حدث بين نتنياهو وادارة أوباما والديمقراطيين عموما، فإن الإدارة تتعامل بمرونة مع الحدث، وتحاول ان تغض النظر على الأقل في النطاق الإعلامي والديبلوماسي ليبقى الناظم لسياسات الديمقراطيين حماية مكانة وقوة ومناعة دولة الاستعمار الإسرائيلية.

وتكريسا للحقيقة انفة الذكر، كما يعلم الجميع جاءت إدارة الرئيس جو بايدن للحكم مطلع العام الحالي 2021، وهي تؤكد تمسكها بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وتعلن رفضها لصفقة ترامب نتنياهو، فضلا عن إعلانها في عديد اللقاءات والمناسبات عن مواقف ولفتات إيجابية تجاه الشعب والقيادة الفلسطينية بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل ولاية ترامب الفاسقة من دعم مالي، وعودة مساعداتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الاونروا)، وعودة فتح القنصلية الأميركية في القدس وفتح ممثلية منظمة التحرير في واشنطن ... إلخ. لكن هذا اللفتات لم تكن دون ثمن وابتزاز، لان الإدارة ربطتها بأثمان أولا تعديل قانون الاسرى الفلسطيني؛ ثانيا تغيير والعبث بالمنهاج التعليمي والإعلامي  لحرف بوصلة الرواية الوطنية، والتعايش مع الرواية الصهيونية الكاذبة والمارقة كي تعيد العلاقات لسابق عهدها، مع انها حتى اللحظة الراهنة لم تولِ ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الأولوية باستثناء ما احدثته هبة القدس الرمضانية ومواجهات قطاع غزة في أيار / مايو 2021، التي أرغمت الادارة على ارسال انتوني بلينكن، وزير خارجيتها للمنطقة لضبط إيقاع سقف الصراع بهدف حماية إسرائيل.   

أضف لما تقدم، لم تتخلَ الإدارة الديمقراطية الحاكمة عن نتائج وتداعيات صفقة القرن الترامبية، والدليل، انها أبقت السفارة الأميركية في العاصمة الفلسطينية الأبدية، القدس، ومازالت تعمل على ترسيخ سياسة التطبيع المجاني والمذل للدول العربية مع إسرائيل، دون ربط ذلك بحل المسألة الفلسطينية وفرض خيار حل الدولتين، متجاوزة وقافزة عن قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام.

ولعل دعوة وزير خارجية اميركا لنظرائه من الدول العربية الأربعة (الامارات، البحرين، المغرب والسودان) وإسرائيل في الذكرى السنوية الأولى لعملية التطبيع أمس الأربعاء الموافق 15 أيلول / سبتمبر عبر تقنية الزووم للاحتفال بالمناسبة، وبهدف توسيع وتعميق عملية التطبيع المجانية، والمضي قدما في تكريس تداعيات ومخرجات صفقة العصر بطرق التفافية. ولعل استخدام إدارة الرئيس الحالي ذات المفهوم والعنوان لعملية التطبيع المجانية "اتفاقات ابراهام" يدلل على عدم ابتعاد الإدارة الديمقراطية عن جوهر الرؤية الجمهورية السابقة، وهو ما عبر عنه المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس في رسالة عبر الفيديو على "تويتر" جاء فيها " نحن نؤيد بقوة هذه الاتفاقيات، ونتطلع إلى تعزيز فرص جديدة لتوسيع التعاون بين إسرائيل ودول أخرى حول العالم."

طبعا لم يتمكن وزير خارجية السودان من المشاركة، ليس رفضا للتطبيع المجاني، وانما خشية من الشعب والمعارضة الوطنية والقومية السودانية. بيد ان اركان إدارة بايدن لن يتركوا السودان بعيدا عن الغرق في متاهة التطبيع المجانية والمذلة. الشيء الوحيد حتى اللحظة، الذي لم تنفذه الحكومة الديمقراطية، هو الوعود التي أطلقتها إدارة الأفنجليكاني ترامب لكل من الامارات والمغرب، فلم تتم صفقة بيع طائرات F35 للإمارات، ولم يتم الاعتراف بالصحراء كجزء من المملكة المغربية. لكن ما دون ذلك بقي كما هو، والقنوات مفتوحة على الصعد كافة ووفق معايير إدارة بايدن.

إذا رسالة الإدارة الديمقراطية لإسرائيل واهل النظام الرسمي العربي تشير بوضوح لتمسكها بنهج الإدارة السابقة، وحدود التباين الضيقة لا تغير، ولا تبدل من جوهر السياسة الأميركية الرسمية الداعم المطلق لدولة التطهير العرقي الإسرائيلية، وهو ما يضع علامات سؤال كبيرة على توجهاتها السياسية تجاه ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.