قيادات الصدفة والنحس الوطني
تاريخ النشر : 2021-09-22 18:17

قيادات الصدفة والنحس الوطني إذا طال بقاؤها في مواقع رئيسة نافذة مهمة تصبح كالمياه الراكدة آسنة فاسدة شديدة السمية وحملا ثقيلا زائدا على الوطن والشعب والقضية ، وطبيعي أن ينبت لها بمرور الوقت مصالح ذاتية خالصة متعارضة بقدر ما أو متنافرة تماما مع الصالح الوطني أو الشعبي العام ، وطبيعي جدا أن تقدس هذه القيادات مصالحها ومصالح أبنائها وعوائلها الضيقة الناشئة وتقدمها وتجعل لها أولوية على ما عداها ، واعتيادي جدا ومألوف من وجهة نظرنا أن يصبح دفاعها عن هذه المصالح شرسا مستميتا إذا ما استشعرت خطرا يهددها ، ينذر بزوالها أو باضمحلالها ، خصوصا إذا نمت كثيرا أو تضخمت وتشعبت !! .
وفي ظل التربية الوطنية الفالصو وغياب الوازع الأخلاقي وآليات الرقابة الدقيقة والمحاسبة الحقيقية يتشكل تيار فساد هائل عظيم من هؤلاء وأشباههم ويتضخم متحولا لميكانيزم قوي مدمر ناخر لكل شيء جميل سامي وراقي وإنساني في مجتمع مطرز الجرح مكلوم الحشا كمجتمعنا الفلسطيني ، ويصبح بذلك أقطاب الفساد الكبار رؤوس عصابات باطشة متحالفة متعاضدة محصنة لا تطالها يد العدالة والإنصاف لأنها تكون فعليا حينذاك فوق القانون النافذ والقضاء الحر المستقل النزيه ... إن وجد !! .
وإذا كانت الدول الديمقراطية العريقة لم تسلم تماما من هذه الآفة فما بالكم بالكيانات النامية المحتلة حيث المؤسسات ركيكة ضحلة صورية والفساد أقوى وأعم وأعظم خطرا ، لأن المحتل يرعى الفاسدين عامدا ويحتفي بهم ويغذي فسادهم ، فهم يطيلون عمر احتلاله من خلال مشاركتهم في نهب موارد الوطن وميزانيات البناء والتطوير ومساعدات الصمود وهبات الإعمار ، وباستمرار النهب الوطني العام المقترن بسوء الإدارة والخداع والتضليل تضيع جهود الخلاص والتحرير وتذهب سدى !! .
وبعد : تبدأ دورة الفساد باعتلاء فاسد ارتزاقي نفعي عفن موقع ما من مواقع المسؤولية حيث يقوم بدوره باستقطاب المسحجين والمطبلين والجشعين وكذا السفلة الجهال والأرذال الزبانية مع استبعاد كامل لنظيفي اليد والعقل والفرج ولا تنتهي عند حد معين لأن الفاسد بطبعه طماع جشع عطش نهم لا يرتوي ولا يشبع أبدا ، يشجع تكاثر أشباهه ويستقوي بهم !! .
وقد يقول قائل فلان أصبح قائدا لأنه أصلا مناضل عريق تعرفه جيدا حيطان الزنازين وساحات الفداء والنزال والوغى ، اللهم أنعم وبارك فهذا لا اعتراض عليه والاعتراض كل الاعتراض على تحول كثير من القادة الذين ابتلينا بهم على اختلاف ألوانهم وأعمارهم وانتماءاتهم في غمضة عمر وغفوة ضمير إلى تجار كبار نهابين وسماسرة وبعضهم إلى فارضي إتاوات على الغير ، فالنضال الحقيقي لا يمكن أن يكون دافعه تحقيق غنى فاحش واكتناز مال عام حرام أو استقواء لا مبرر له على خلق الله ، فتلك أخلاق العصابات المافياوية لا الثوار الأنقياء الأتقياء الذين يبحثون عن تغيير واقع شعوبهم نحو الأفضل أو تحرير أوطانهم !! .
النضال الحقيقي لا يمكن أن يكون يوما قرينا للفساد المستفحل الحاصل بشتى صوره وتجلياته والذي يطل برأسه في هذا الوطن من كل زاوية ومكان !!
وإن كان مناضل فاسد مزعوم يرتئي وجوب قبض ثمن نضاله غرفا دون حساب من حر مال الشعب فقد وفى له الشعب حقه وزيادة بما تقاضاه طوعا في سالف الأيام وبما نهبه غصبا أو سرقه احتيالا ، وصار لزاما عليه أن لا يمن علي الشعب بما قدم من تضحيات وأن ينزوي طائعا خجلا ولا يتنطع ويغادر مواقع المسؤولية غير مأسوف عليه إلى الأبد !!