خطاب الرئيس عباس...وكيف يكتمل "التهديد"!
تاريخ النشر : 2021-09-25 09:39

كتب حسن عصفور/ أخيرا، ألقى الرئيس محمود عباس خطابه "المنتظر" في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 24 سبتمبر 2021، قارب بعضا من تلك الحملة "الترويجية" التي أطلقها بعض من عناصر السلطة وفتح (م7)، عما سيحمل من "مفاجئات"، اعتقد البعض أنها ستكون "انقلابا جذريا" في المشهد السياسي العام.

وبعيدا عن "سذاجة الترويج"، فالرئيس عباس قدم خطابا خارج النمطية التي سادت كثيراـ حيث كسر جزء من "ملل الكلام المكرر"، وانتقل خطوة الى الأمام في التعامل مع مختلف قضايا الصراع مع دولة الكيان الإسرائيلي، من حيث الشكل والمضمون، خاصة بوضع مسار خريطة فلسطين، كرسالة تذكيرية لأعضاء الجمعية العامة، وكذا للمتابعين، كمسألة رمزية ولكنها ذات تعبير خاص.

خطاب الرئيس عباس، بحث عن عرض "جديد سياسي"، وكان ذلك في مسألة واحدة يمكن اعتبارها النقطة "الجوهرية" والأهم في الخطاب العام، بالحديث عن مهلة عام واحد لانسحاب إسرائيل من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، مهلة زمنية محددة بدأت وكأنها "إنذار سياسي"، مصطحبا بالحديث عن الذهاب الى محكمة العدل الدولية في حال لم تستجب لتلك المهلة الزمنية.

دون تردد، يمكن اعتبار تلك المسألة هي الأهم كتطور لا يمكن تجاهل قيمته السياسية، وهي المرة الأولى التي يلجأ لها الرئيس عباس، منذ توليه منصبه بعد اغتيال الخالد الشهيد المؤسس ياسر عرفات عام 2004، وكان له أن يمثل نقلة تاريخية لو أكمل عناصر تلك المهلة "الزمنية" بمحددات سياسية ملموسة، تعيد تصويب المشهد بكامله.

وكي لا ينحصر النقاش الوطني حول خطاب الرئيس عباس فيما له أو عليه، سلبا أو إيجابا، يجب الانتقال الى كيفية "ملئ الفراغ السياسي"، الذي تركه الخطاب دون تحديد، خلال تلك المهلة الزمنية، والتعامل معها أيضا، أنها للداخل الفلسطيني وليس فقط لدولة العدو القومي.

خلال تلك المهلة الزمنية، يمكن للرئيس عباس أن يقوم بسلسلة من الخطوات لتأكيد جدية الوعد، وتعزيزا للموقف الوطني في المواجهة التي ستنشب مع حكومة الإرهاب السياسي بقيادة "الثنائي بينيت لابيد"، منها:

*تشكيل خلية عمل وطنية تقوم بوضع خطة تنفيذية وآليات عمل مناسبة للمهام التي يجب القيام بها خلال "مهلة العام" التي أعلنها الرئيس عباس، تتقدم بها خلال 3 أسابيع.

*تعليق اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل الى حين الاعتراف بدولة فلسطين،

*البدء العملي بتنفيذ خطة الانتقال من مرحلة السلطة التنفيذية القائمة الى مرحلة تجسيد الدولة وفقا لقرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012.

*عقد مجلس مركزي فوري بمشاركة كل القوى بما فيها حركتي حماس والجهاد، لدراسة مقترحات اللجنة وكيفية التعامل ومعها وطنيا.

*اكمال عضوية اللجنة التنفيذية بالمقاعد الشاغرة، كي تستعيد دورها الغائب عمليا منذ مجلس رام الله 2018.

*البدء العملي في تطبيق خطوات "فك الارتباط" مع سلطات الاحتلال، ومنها مسألة التنسيق الأمني، بحيث يصبح سلاحا بيد الفلسطيني على المحتل، وليس سلاحا على الفلسطيني يستخدم من قبل المحتل.

*البحث في تنفيذ بعض "مخرجات" لقاء بيروت / رام الله سبتمبر 2020، خاصة ما يتعلق بالمواجهة الشعبية وتشكيل قيادة عمل موحدة.

*انتقال لغة الخطاب حول الانتخابات، لتصبح انتخابات لبرلمان دولة فلسطين وليس تشريعي سلطة انتقالية، تأكيدا رسميا لانتهاء تلك المرحلة كليا.

*التفكير بتشكيل "إطار خاص" من فصائل منظمة التحرير وحركتي حماس والجهاد، لوضع آلية محددة لمحاصرة الانقسام بالتوازي مع خطوات فك الارتباط، وآلية الانتقال من مرحلة السلطة الى مرحلة الدولة.

*بالتأكيد العمل على إنهاء "إشكاليات فتح" تبقى أحد عناصر التعزيز المنتظرة.

خطوات لا تخضع لترتيب زمني ولكنها محكومة إجباريا بالجدول السياسي، كي لا تضيع قيمة "مهلة العام" خلال أيام أو أسابيع، ومنح دولة العدو فرصة بث "فتن سياسية" مستحدثة لتطويق ذلك، والقيام بعملية "ارتداد معاكسة"، خاصة وهناك من ينتظر هنا أو هناك "هدايا عبرية".

 حماية لقيمة جديد خطاب الرئيس عباس و"التهديد الزمني"، لا بد من قيام بما يحميه سياسيا، دونه لن يبق منه سوى أرشفة الكلام.

ملاحظة: حديث القيادي العاروري عن لا مجال لإلغاء طرف لآخر، رسالة يجب أن توجه أولا لحماس، قيادة ومكونا وإعلام...لو كان الكلام بحق وليس لغيره.

تنويه خاص: لم يجد سفير الكيان الإرهابي العنصري في نيويورك كيف يرد على "مهلة الرئيس عباس" غير الاستطلاع إياه...بس عشان البعض يدرك أن الأمر لم يكن "صدفة" ولا "مهنية"...كله بحسابه والأجر فيما وراء البحار!