مقاطعة محاكم الاحتلال ضرورة وطنية عليا
تاريخ النشر : 2021-10-13 10:40

حرصت دولة الاحتلال الاسرائيلي منذ اللحظة الاولى لاحتلالها لفلسطين على اعتماد قواعد تشريعية تساعدها في تكريس احتلالها وتنفيذ برامجها التوسعية والاحتلالية، وفي نفس الوقت تكوين انطباعات تضليلية عنها باعتبارها دولة قانون في اطار مساعيها لتشريع احتلالها، والظهور بمظهر الدولة العصرية المتمدنة، فاعتمدت ثلاث اسس للتشريع ، اولها بعض ما ينفعها من القوانين الأنتدابية البريطانية، والتي كان من بينها قانون الاعتقال الاداري، وثانيها جملة القوانين والتشريعات الصادرة عن الكنيست اضافة للاوامر العسكرية الصادرة عن قادة جيش الاحتلال، ثم بعد عام 1967 اعتمدت جزئياًعلى بعض القوانيين الاردنية والمصرية المتعلقة بادارة الشؤون الحياتية لابناء الشعب الفلسطيني ثم عملت على تطوير منظومتها التشريعية استناداً الى التجربة و واقع الحال الناشئ وتطورات الصراع مع الشعب الفلسطيني وبما يضمن لها استمرار احتلالها وتسهيل مهمة ادواتها القمعية،( الجيش والشاباك وفيما بعد ميليشيا المستوطنين) .

ولقد نجحت اسرائيل في استدارجنا الى مربع التعاطي والتعامل مع ما يسمى منظومتها القضائية العسكرية والمدنية في محاولة  منها الى اضفاء قدر من الشرعية على قراراتها وعلى وجودها من حيث المبدأ ، فحين تلجأ الضحية الى مؤسسات الجلاد يبدو الامر وكانه اي الضحية يتوخى عدلاً لدى القضاء الاسرائيلي، ويسجل في وثائق الاحتلال بانه قد حصل على محاكمة "عادلة" فما يهم الاحتلال هو انه يوثق كل قضية والتي تحمل اسم الشخص ومحاميه والمراحل التي مرت بها محاكمته وانه حظى بفرصة للاستئناف وحتى التوجه للمحكمة العليا، وهذه اكبر عملية تضليل تمارسها اسرائيل ونشارك نحن بتعزيزها ودعمها، ولو استعرضنا عشرات الاف القضايا التي نظرت فيها محاكم الاحتلال وتحديداً العليا، والتي لم تقتصر على المعتقلين بل شملت قرارات مصادرة الاراضي وهدم البيوت وعمليات الابعاد وتهجير الناس من بيوتهم كما يحدث في هذه الاثناء في قضية الشيخ جراح والخان ألاحمر، أذ تقول الارقام والاحصائيات ان معظم هذه القضايا التي نظرتها محاكم اسرائيل اصدرت فيها قرارات شرعت من خلالها قرارات الحكومة والجيش والمخابرات والشرطة الاسرائيلية والتي كانت من اجل تكريس المشروع الصهيوني وخطط اسرائيل في احكام سيطرتها على الارض والمواطنين، ولعل بعض القرارات القليلة التي حكم فيها لصالح المواطن او المؤسسة التي توجهت للمحكمة انما تم ذلك في اطار عملية التضليل وبما يوحي ان المحكمة تتخذ قرارات في صالح المواطن وبالتالي تضفي قدر من المصداقية على القرارات التي حكمت فيها ضد المواطن ومصالحة، وفي ذلك تأكيد على أن منظمومة القضاء الاسرائيلي العسكري والمدني انها هي ذراعاً قمعيه لشرعنة اجراءات غير شرعية وغير قانونية، فهذه المحاكم صادقت على مصادرة الارض والاعتداء على المقدسات فبالامس القريب سمحت بالصلاة لليهود في المسجد الاقصى المبارك كما وصادقت على هدم البيوت وابعاد المواطنين واحتجاز جثامين الشهداء وبناء المستوطنات والاعتقال الاداري و تعليق الاعتقال الاداري التي  لا ينص عليها اي قانون على وجه الارض  وفرض الغرامات الباهظة التي تقدر بمئات الملايين وكلها تذهب الى ميزانية وزارة الجيش الاسرائيلي، وبذلك حولتنا الى مصدر تمويلي لجيش القمع الاحتلالي ، بينما تقوم اسرائيل بتنفيذ قوانينها التي تتعارض مع مصالح مؤسساتها،  فعلى سبيل المثال كان الذين يصابون في الانتفاضة الاولى ويتعرضون لاصابات بليغه دون ان يكونوا مشاركيين في فعاليات نضالية يتوجهوا للمحاكم ويطلبوا تعويضات عن الاعاقة التي لحقت بهم وذلك بناءاً على نصائح من محامين كانوا يأخذوا قضايا التعويض على نسبة مئوية، وقد نجح المحامون في حالات عديدة فقامت اسرائيل في الانتفاضة الثانية "الاقصى" باصدار أمر عسكري اي قانون يقضي بعدم تعويض اللذين يصابون دون أن يشاركوا ولكنهم دخلوا مناطق ساخنة بالصدفة، وقال الامر العسكري بأن الذي يقع في منطقة اشتباك واصيب فلا يلومن الا نفسه ، وقد طرحت هذه المثال للتأكيد على أن اسرائيل تكيف القوانين وفقاً لمصالحها ومشروعها الاحتلال وليس من اجل ان تنسجم قوانينها مع محددات القوانين والاتفاقيات الدولية .
أن فكرة الثورة على الاحتلال تتمحور عملياً حول مقاطعته وعدم الالتزام باجراءاته وقوانينه واوامره من ثم قتاله والنضال في مواجهته، ولعل هناك اجماعاً فلسطينيا ولو بالمعنى النظري على مقاطعة الاحتلال وبضائعه ومؤسساته والعمل لديه،  وكلنا يعلم أننا لو قاطعنا الاحتلال بالمعنى الشامل للكلمة فأن خسائر الاحتلال ستكون كبيرة جداً تجعل من مشروعه مشروعاً خاسراً، وهذا فقط الذي سيقودة الى اعادة النظر في سياساته واجراءاته، وبناءاً علية وبما أن المعتقلين هم الطلائع وهم من مارس الثورة ودفع ثمن ذلك غالياً، فهم الاجدر بتعليق  الجرس وايقاد شعلة مواجهة هذه المحاكم عبر مقاطعتها من خلال نقاش موسع تشارك به كافة الفصائل لبلورة قرار استراتيجي بالمقاطعة الشاملة لمنظومة القضاء الصهيوني أما المعتقلين الاداريين الذين يعتقلون بدون تهم وبصورة متكررة، حتى أن بعضهم امضى ما يزيد عن العقد ونصف العقد وهم قيد الاعتقال الاداري ولم تنصفهم المحاكم التي شاركوا فيها من خلال وجود تمثيل لهم على شكل توكيل محامي يمثلهم أمام تلك المحكمة ومعظمهم استأنف على قرار محكمة التثبيت وعدد لابأس به وصل المحكمة العليا، فهل لمس أي واحد منهم اي عدل أو انصاف ؟؟؟ الجواب هو وباجماع  كل من خاضوا هذه التجربة المريرة بالنفي لذلك فأن سؤال تلقائي يندفع للذهن اذن لماذا الاصرار على مواصلة التعاطي مع هذه المسرحية الهزلية  التي تنتج للاسرى وعائلاتهم مأسي حقيقية، فالمستفيد الوحيد هو الاحتلال ولذلك اعتقد أنه آن الاوان لاتخاذ القرار الجرئ والمسؤول بالمقاطعة الشاملة وليكن المعتقلين الاداريين هم الطليعة ثم تتسع الدائرة شيئاً فشيئاً حتى تصبح المقاطعة شاملة ، وحينها سنكتشف أنه كان بحوزتنا سلاحاً مهماً لم نستخدمة لعقود من الزمن، ومن هنا فأنه على الفصائل كافة ان تنخرط في هذه العملية  وان توفرلها  اسباب النجاح، وان تتعاطى مع الموضوع بمنتهى الجدية، فالقضية جديرة بأن تناقش في المؤسسات العليا للفصائل وان تبلور منها قراراً قاطعاً ومن الضرورة بمكان أن يتبلور القرار بالتشاور والتنسيق مع الحركة الاسيرة في معتقلات الاحتلال .