"ذاكرة" ياسر رزق .. و"أكاذيب" الإخوان
تاريخ النشر : 2022-01-19 12:37

الوثيقة التاريخية المهمة، التي قدمها الكاتب الصحفي الكبير ياسر رزق في كتابه الجديد "سنوات الخماسين" بين يناير الغضب ويونيو الخلاص، ليست موجهة إلى الجيل الحالي فحسب، ولكنني أعتقد أن الهدف منها سيكون الأجيال المقبلة، لأننا بصراحة وبكل وضوح إن لم نكتب تاريخنا سيكتبه " الإخوان" بأنفسهم!

حفل توقيع الكتاب، الذي أقيم قبل أيام بالمسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية بمشاركة صفوة المجتمع، والذي ناقش الكاتب فيه مجموعة من القمم والقامات، يتقدمها الوزير الأسبق والسياسي الكبير منير فخري عبد النور، والكاتب حلمي النمنم وزير الثقافة الأسبق، وأدارها باقتدار أستاذ الإعلام الدكتور سامي عبد العزيز، كشف الحفل عن مدى حاجة مصر لتوثيق شهادات بالغة الأهمية، عن مرحلة مهمة من التاريخ الحديث لثورتين شعبيتين انطلقت شرارتهما في غضون سنوات قليلة، الأولى تطالب برحيل نظام مبارك وشارك فيها الإخوان، والثانية تطالب برحيل الإخوان أنفسهم إلى الأبد.

الوثيقة المهمة التي اختار لها الكاتب الكبير/ ياسر رزق عنوان "سنوات الخماسين" ترمز إلى المرحلة، التي كادت أن تنعدم فيها الرؤيه تماماً – أو انعدمت بالفعل- في الفترة ما بين ثورتي يناير 2011 و 30 يونيو عام 2013، وتستعرض تفاصيل وقائع عاشها الكاتب نفسه، وخبايا مواقف شاهدها وأبعاد تحولات عاينها رأي العين وتقصى جوانبها من صناعها، وأبطالها ومازال معظمهم على قيد الحياة.

هذا العمل الضخم هو جزء من "ثلاثية" مهمة، ستصدر تباعاً عن الجمهورية الجديدة، يروي فيها الكاتب الكبير ياسر رزق، بأسلوبه الرشيق، كيف سقطت الجمهورية الأولى - جمهورية ثوره 23 يوليو - ولماذا انهارت؟.. وكيف وثبت جماعة الإخوان إلى الحكم عبر الخديعة وروجت لجمهورية السراب بعدما تعذرت الرؤية وسط غبار رياح الخماسين في الربيع المصري!

ربما أسعدني الحظ أن أطلع على جزء من بروفات هذا الكتاب المهم "سنوات الخماسين" قبل صدوره. لكن القدر شاء لي أن أكون جزءا من أحداث هذا الكتاب، مشاركاً ومتأثراً وشاهد عيان في بعض الأحيان، على فترة اعتبرها من أهم فترات تاريخ مصر الحديث في الألفية الثالثة.

أهم ما يميز الكاتب الكبير / ياسر رزق هو قدرته على جلب المعلومة والتعامل معها، وامتلاكه لدائرة كبيرة من العلاقات التي ، اكتسبها عبر عقود طويلة من الحرفية والمهنية، في مهنة الكتابة التي قدم لها الكثير من جهده وفكره وصحته.

في "سنوات الخماسين" هناك سرد واقعي لأحداث مهمة، يتخلله تحليل رائع ونقلات وثائقية رفيعة المستوى في التناول والمعايشة للأحداث. هذا السرد يحتاج إلى عمل وثائقي مرئي متفرد، يكون وثيقة مصورة للأجيال القادمة.

قبل مائة عام دون المحامي عبد الرحمن الرافعي مذكراته الشخصية ويومياته عن أحداث الثورة المصرية الكبرى عام 1919، ولولا شهادته، ما كانت كل المراجع التي رصدت الثورة وانفعالاتها وتأثيرها على الواقع المصري.

اليوم كلنا مطالبون بالمشاركة، ليس بالقراءة ولكن بالكتابة والتوثيق لكل حدث من أحداث الثورتين. هذه هي مهمة قومية ليست مسئولية الدولة وحدها، لكنها مسئولية المجتمع كله.

عملية التوثيق التي أقصدها ستكون بمثابة " مقاومة مجتمعية" لكل الأكاذيب التي احترفت الجماعة الفاشية في ترويجها، على مدى سنوات ماضية، وعقود طويلة من الكذب والإدعاء والضلال.

هذا الكتاب هو جزء مهم من تاريخ مصر.. وبعض من رحلة ياسر رزق الكبيرة ..ومرحلة من مهمة عمري.. شكرا للأستاذ العظيم على ما قدمه من معلومات في هذا العمل الكبير.
عن الأهرام