إسرائيل بين التحذير من التصعيد وارتكاب الجرائم
تاريخ النشر : 2022-03-16 09:42

في خضم الحرب الكونية التي تجري على الأرض الأوكرانية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وتوحد التحالفالامريكي الغربي، ولم يعد النظام العالمي القائم قبل الغزو الروسي والذي نعرفه كما هو. الحرب مشتعلة ونواجهصعوبة في التعرف على التغييرات الجراية ومدى القدرة على استيعابها. نحن في البداية فقط ننتظر  متغيراتدولية كثيرة قد تحدث.

وفي ظل الصراع بين الدول الكبرى قد يظهر صراع وتوتر أصغر في مناطق أخرى من العالم، وتتكون نوع منالجرأة بين تلك القوى، وهي مستمرة وستستمر في المستقبل القريب, كما يجري الان في الحرب غير المعلنة بينإيران وإسرائيل، والتهديدات الردعية المتبادلة والرسائل العسكرية الصاروخية الباليستية الردعية من قبل إيران،والهجمات السيبرانية، واحتمال تأجيل التوقيع على الاتفاق النووي بين ايران والغرب بسبب شروط روسيا.

في وسط ذلك يجد الفلسطينيون أنفسهم وسط حرب كونية ومصالح متشابكة وازدواجية معايير، وتبني القيادةالفلسطينية موقف حيادي من الأزمة، ومن الصعب فهم المزاج العام الفلسطيني، بين التضامن مع الضحايا واتخاذموقف من الغزو والاحتلال، وهم يدركون معنى ذلك، ويعيشون تفاصيله يومياً.

والنفاق والزيف الدولي الغربي وإنكشافه الأخلاقي، وازدواجية المعايير في التعامل مع عدالة القضية الفلسطينية،والإجراءات الصارمة والسريعة التي اتخذت ضد روسيا، بالمقارنة مع ما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي من انكارللحق الفلسطيني منذ 74 عاماً، وارتكاب الجرائم اليومية، والقلق من أن الأزمة الكونية ستعمل على تهميش القضيةالفلسطينية على جدول الأعمال الدولي.

العالم يتغير ودولة الاحتلال لم تتغير، وتعمل على إستغلال الأزمة الأوكرانية لتعظيم مكاسبها ومنافعها، ومستمرةفي سياساتها الاحتلالية والاستيطانية والتمييز العنصري، وارتكاب مزيد من الجرائم من اعدامات ميداينة والقتليومي، ومصادرة الاراضي واستباحة مدن الضفة الغربية والاستيلاء على منازل المقدسيين، وهدم المنازل فيالضفة والقدس والداخل، وتمارس الانتهاكات والاعتقالات اليومية من أجل السيطرة واخضاع الفلسطينيين.

وفي الوقت نفسه يحذر مسؤولي الاجهزة الامنية الإسرائيلية من تصعيد أمني في الاراضي الفلسطينية.

وجاء ذلك خلال موسم الحج الذي قام به هؤلاء المسؤولون إلى الولايات المتحدة الامريكية، وفي مقدمتهم رئيس جهازالامن العام "الشابابك"، ونائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، ورئيس شعبة الاستخباراتالعسكرية الإسرائيلية "أمان"، أهارون حاليفا.

وركز المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين خلال زيارتهم إلى واشنطن. ما يجري في الساحة الفلسطينية، وأن ثمةاحتمال لتصعيد أمني، خاصة في القدس، خلال شهر رمضان المقبل.

المثير هو تقديرات أولئك المسؤولين، والزعم أن ثمة احتمالا لإشتعال الوضع الأمني، وأبلغو مسؤولين أميركيين.

ولم ينفك قادة الأجهزة الأمنية والجيش من التحذير منذ فترة تصعيد كهذا، خاصة بسبب مسيرات استفزازيةينظمها اليمين الإسرائيلي في القدس، خلال عيد الفصح اليهودي، الذي سيحل خلال شهر رمضان، وتوقعاتبمشاركة نحو مئة ألف يهودي في هذه المسيرات.

ممارسات واستفزاز المستوطنين وارهابهم لم يتوقف وهو بغطاء وحماية الجيش الاسرائيلي، والحقيقة أن الأراضيالفلسطينية مشتعلة والمقاومة الفلسطينية مستمرة باشكالها وادواتها المختلفة في القدس والضفة الغربية، ومستمرةلمواجهة الاحتلال وجرائمه، وهي ضمن سياقاتها الشعبية النمطية والمتعددة الاشكال في مقاومة الشعبالفلسطيني منذ النكبة.

المسؤولون السياسيون الإسرائيليون زعموا إلى أن الوضع في غزة هادئ "بشكل غير مألوف"، وأن إسرائيل قررتزيادة عدد العمال الغزيين من 10 آلاف إلى 12 ألفا، وأن عددهم سيزداد أكثر في حال الحفاظ على الهدوءالأمني، وأن الضفة الغربية تشهد غليانا، لكن لا توجد تحذيرات إستراتيجية أو استخباراتية لاندلاع مواجهاتواسعة.

في المقابل قال أفيف كوخافي، رئيس هيئة الاركان في جيش الاحتلال الاسرائيلي: "إن ما فعلناه في عام 2002 بالضفة الغربية خلال عملية (السور الواقي)، يمكننا فعله أيضا في قطاع غزة، وبطريقة أكثر فعالية، لا يوجد منمكان لا تستطيع قواتنا الوصول إليه.

تبدو  هذه التقديرات والتحذير بانها توجه الاتهام للفلسطينيين بالمسؤولية عن اشعال المنطقة والتصعيد، وخلقتوترات في خضم الازمة العالمية، وقد تكون رسائل تهديد وابتزاز وتخويف للفلسطينيين، وهي تنفيذ لسياساتحكومة الاحتلال الإسرائيلي وكي وعي الفلسطينيين، وتشكيلها اليميني المتطرف، وما يسمى الوسط واليسارالصهيوني والمدعومة من قائمة منصور عباس.

وفي استعراض للجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال منذ بداية العام 2022، وحتى يومنا هذا سقط نحو  20 فلسطينيا، منهم اليوم الثلاثاء، قتلت قوات الاحتلال ثلاث شهداء في الضفة والنقب.

إضافة إلى عطاءات لمئات الوحدات السكنية الاستيطانية في الضفة الغربية، وكذلك مصادقة حكومة الاحتلال علىإقامة مدينتين يهوديتين جديدتين في النقب، ضمن مخطط "كسيف" الذي يقضي ببناء 20 ألف وحدة سكنية منأجل إسكان ما بين 100 ألف و125 ألف حريدي فيها.

سياسات حكومة الاحتلال مستمرة، في الوقت التي تحذر من تصعيد واشعال القدس والضفة المشتعلة أصلاً،تعمل على عدم التقدم في أي مسار سياسي، والتي لا تزال القيادة الفلسطينية في انتظاره، مع ان سياساتحكومة الاحتلال واضحة، وهي تسويق ما يسمى الحل الإقتصادي، وهو عبارة عن مجرد تقديم تسهيلات فيالضفة وقطاع غزة بزيادة أعداد العمال، من دون أي تغييرات حقيقية في سياستها تجاه القطاع..

في ظل عالم متغير، واضح أن الفلسطينيين وفي مقدمتهم القيادة الفلسطينية لم تتغير  ولا تدرك هذه التغيرات،وكشف زيف الغرب وهي لا تمتلك القدرة على الفعل الوطني، والاستمرار في تأبيد الانقسام. والاستئثار والتفرد فيالسلطة، وتوثيق وتعزيز العلاقة مع دولة الاحتلال، وممارسة سياسة الانتظار في الانفاق وموافقة دولة الاحتلال علىفتح خط مسار سياسي، والاكتفاء باصدار  بيانات الاستنكار. ولا تمتلك أي خطة وطنية لمقاومة الاحتلالوالاستفادة من ما يجري عالميا وعدالة القضية الفلسطينية.

مع أن ما تقوم به دولة الاحتلال خطير جداً، وترك الشعب الفلسطيني وحيداً من دون ظهر وحماية ودعم في مقاومةالاحتلال وتعزيز صموده، واستهداف الكل الفلسطيني وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، ودولة الاحتلالماضية في استكمال مشروعها الاستعماري الصهيوني والتنكر للحقوق الفلسطينية.