"فرح" بعد عام من إصابتها بعدوان مايو (2021)
تاريخ النشر : 2022-07-02 11:04

غزة: ما زالت حتى اليوم تعاني من خوف وصدمة، فعند سماعها أي صوت قوي تقول "بدهم يقصفوني كمان مرة"، وإذا حدث وتحركت ستارة النافذة ليلا تبدأ بالصراخ "هيو أجا الصاروخ عليّ".

بهذه الكلمات وصفت والدة الطفلة فرح البحطيطي (6 أعوام) حالتها بعد نحو عام على إصابتها خلال العدوان الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في أيار الماضي (2021).

وأضافت الوالدة، للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين، أنه بسبب كثرة العمليات والمتابعات الطبية أصبحت فرح تخاف من الإبر، "حتى أنها تخاف الآن من مقص الأظافر، إضافة لحالة التبول اللاإرادي التي ما زالت معها حتى اليوم، وهي لم تكن كذلك مطلقا قبل الإصابة"، مشيرة إلى أنها كانت دائمة السؤال خلال وجودها في الأردن للعلاج لماذا قصفتها الطائرة مع أنها كانت متوجهة للشراء من الدكان.

في الثاني عشر من شهر أيار 2021 شنت طائرة استطلاع إسرائيلية غارة على مركبة مدنية في منطقة حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وذلك خلال العدوان الأخير الذي شنه الاحتلال على القطاع واستمر 11 يوما.

تلك الغارة أسفرت عن استشهاد مواطن وإصابة آخرين، إضافة لإصابة الطفلة فرح بجروح بالغة الخطورة، والتي كانت في طريقها لدكان قريب من منزل عائلتها في الحي.

وقالت والدة فرح إن إصابة طفلتها كانت بالغة جدا، حتى أنها اعتقدت أنها استشهدت في البداية، فقد أصيبت بشظايا صاروخ برأسها ووجهها ورقبتها ويديها وقدميها وصدرها وبطنها، وقد تناثرت قطع من لحمها، مضيفة أن فرح أدخلت للعناية المكثفة ولم يسمح الأطباء بزيارتها ووصفت إصابتها بالحرجة جدا، وقد مكثت في العناية المكثفة لمدة 12 يوما وهي غائبة عن الوعي.

وأشارت إلى أن الأطباء أجروا عدة عمليات لطفلتها جرى خلالها استئصال أجزاء من أمعائها وتركيب بلاتين في يدها اليسرى، وقدمها اليسرى كذلك، وأنها فقدت النطق لحوالي أسبوعين وكانت لا تستطيع التعرف على أهلها.

وقالت إن العائلة وجهت مناشدة لعلاج طفلتها خارج قطاع غزة جراء صعوبة وضعها الصحي وقتها، وقد استجاب ملك الأردن عبد الله الثاني للمناشدة وأوعز بتحويل فرح لإحدى المستشفيات الأردنية، وقد تبين من الصور والفحوصات أن الإصابات تركزت في الرأس من الخلف وقرب العين اليسرى، إضافة لوجود شظايا بالرقبة وأخرى في الصدر أصابت الرئتين، وإصابة بالبطن وصلت للأمعاء، وإصابة شديدة باليد اليسرى تم تشخيصها بـ" سقوط في رسغ اليد"، بسبب قطع الأوتار والأعصاب فيها، وكذلك إصابة بتهتك شديد في مشط القدم اليسرى.

 وبينت أن طفلتها مكثت في الأردن 3 أشهر، خضعت خلالها لعدة عمليات، وتم إدراجها في برنامج تأهيل هناك، فقد كانت لا تستطيع الوقوف والسير وكانت خائفة بسبب حجم الإصابات بجسدها، وكانت تخاف من رش المياه على جسدها أو الاستحمام ، وعانت من تبول لا إرادي.

وأوضحت والدة فرح أنه بعد عودة طفلتها إلى قطاع غزة استمرت بالعلاج الوظيفي والطبيعي الذي أوصى به الأطباء بالأردن.

وأضافت: كذلك أوصى الأطباء بضرورة ارتداء مشدات طبية على أماكن الإصابات حتى لا تعاني من "ندب اللحم الوحشي" التي يمكن أن تنمو في مناطق زراعة الرقع مكان الإصابات، وحيث إن الرقع تشمل كافة مناطق جسد طفلتي، فهي تنزعج من المشدات كثير وترفض أن ترتديها، مشيرة إلى أن المشكلة الصحية الأصعب التي تعاني منها فرح الآن هي يدها اليسرى التي لا تستطيع أن تمسك بها أي شيء.

من ناحيته، قال مدير برنامج غزة للصحة النفسية ياسر أبو جامع إن الأطفال الذين أصيبوا بشكل مباشر جراء عمليات القصف التي قامت بها الطائرات الحربية الإسرائيلية بحاجة لبرامج دعم نفسي متكاملة، وهي حالات تطول فترة علاجها وتعافيها، تحديدا إذا أصيب الطفل وهو موجود داخل منزله وما تزال آثار الشظايا والتدمير موجودة بالمنزل، مشيرا إلى وجود ثلاثة أنواع من المشكلات النفسية التي يمكن أن يعاني منها الأطفال، هي: كرب أو توتر ما بعد الصدمة، والتبول اللاإرادي، والكوابيس.

يشار إلى أن الاحتلال قتل خلال عدوانه الأخير على قطاع غزة في شهر أيار العام الماضي 60 طفلا، إضافة لطفل آخر بعد انتهاء العدوان.