مقتطفات من أغسطس مع غيلان سماء غزة
تاريخ النشر : 2022-08-07 11:00

تتحول أعراسنا في غزة إلى بيوت عزاء
بطاقات تهنئة أعياد ميلادنا إلى حروف رثاء لمن فقدناهم في مدينتنا
تنطمس الأماني تحت أنقاض البيوت
السابع من أغسطس استبقه الاحتلال الإسرائيلي بيومين من الجرائم واغتيال الزهور، حوله من ذكرى جميلة "ذكرى يوم ميلادي"  تمر أمامي إلى لوحة منقوش عليها أسماء شهداءنا، وعيون الطفلة اًلاء قدوم لا تفارق مخيلتي بثوب صلاتها رغم عمرها الذي لم يتعدَ الخمس سنوات.
تساءلت كيف لا زلت أحيا، ويحل يوم ميلادي، ويكون نفسه هو يوم مغادرة اَلاء للحياة.
ذكرى يوم ميلادي سيكون  ذكرى رحيل اَلاء و الألم لرحيل زوج التي لقبت نفسها بـــ سلطانة فضل زعرب، ويوم الدماء في مدنيتي غزة.
في يوم ميلادي لن يصمت قلمي سينقش حياتهم، وسيكون سيل مداده  في هذا اليوم من كل عام هو ذكرى لاَلاء قدوم، وعروس فضل وام العريس التي ارتدت اَخر رداء أبيض في حياتها "رداء الموت وحنة الشهادة"
"ومن شر عيونهم ألف بسم الله"
تباهت ببهاء طلته أمام مرأى الجميع، بغزلها به ، صورة رمزية مليئة بالحب .
تلت على حبها رقية تقيه من الحسد.
ما هي إلا ساعتين تفصل بين الغزل والرثاء 
باغتهما صاروخ حول غزلها وإطراء الجميع على صورة حبهما إلى سيل من التعازي.
لم تصبه عيون الحاسدين، وأصابه صاروخ احتلال يكره الحب ويغني للموت.
انتقل اسم فضل زعرب من سطور غزل محبوبته إلى رثاءها.
....
تلهو أمام منزلها، تتراقص رقصات عشوائية، تغني، وجهها الأبيض، حدة نظراتها، كل ما يدور في مخيلتها الذهاب مع والدتها لاختيار زي الروضة التي كانت على موعد للالتحاق بها.
القدر في غزة مختلف عن أحلامها، نسفت براءة حلمها شظايا صاروخ، ماتت الاء قدوم، سكنت أحلامها، ارتدت الأبيض دون جديلة الروضة، وصارت شهيدة أغسطسي.
....
يا أم العريس الله يحن عليكِ يا مسعدة والسعد بان عليكٍ
قولوا لأمه تفرح وتتهنى
موعد إخراج العروس من بيت عائلتها بصمت إلى بيت عريسها.
لم تغني أمه، فغيلان الاحتلال مُحلِقة  فوقها في السماء.
الغيرة تملكت الغيلان  من إصرارها على إتمام زواج نجلها.
ألقت عليها صاروخ وبدلاً من تناثر الورود تناثرت الدماء
تحول ثوب العرس من أبيض إلى أحمر معبق بمسكها
استبدلوه بالكفن
نسفوا أغنيتها الأولى وصارت نعامة أبو قايدة شهيدة عرس أغسطس.
.....
رسمت العنب والتفاح، ورتبت ألوانها 
كل لون يرمز إلى حدث
اللون الأحمر بارزا على رف مكتبها
امتزج دمها بقلم لونها الأحمر ورسم اسمها شهيدة 
حول صاروخ عدائي يكره الحلم، حلمها برسم الحرية إلى طمس معالمها 
صارت  دنيانا العمور شهيدة أغسطسي.

هي غزة
غزة التي ليلها كغول 
نخاف قدومه
نساءها تبكي بصمت وتحتضن أطفالها وتصبح أحضانها سياج من يقين  يحميهم 
قلوبنا تردد يا الله أنت الأكبر
عيوننا معلقة بالشمس نستحلفها ألا تغيب 
نؤمن بالقدر ونردد قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا
 لا نخاف الموت، لكننا نتشبث بالحياة
شجرها ساكن، 
طيرها صامت، 
أطفالها  يبكون، 
رجالها كالحراس 
كل شيء تلفه الريبة 
كل شيء صامت إلا ضجيج قلوبنا 
أحتمي  بوريقات شجرة على نافذتي
هل في وسع وريقات شجرة  على  نافذتي، أخبئ وجهي خلفها أن تحميني من  شظايا طائرات عدو عدائي لا يكل عن مهاجمتنا !
أتساءل وأنا أقف خلفها .
هل يمكن ذلك؟
لم ينته أغسطس ولم تنته حكاياه المطرزة في أكفان الشهداء 
و سنبقى نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلاً