ليسقط حل الدولتين
تاريخ النشر : 2022-09-30 17:26

ببساطة لماذا يوافق صاحب الحق على اقتسام حقه مع السارق ولا يوافق السارق على اقتسام المسروق مع صاحبه مثل هذه المعادلة كفيلة بان تردع كل شعبنا الفلسطيني عن القبول مجرد الحديث عن القسمة بعد ان اصبح واضحا ان الحل المطروح بإقامة دولتين هو حل وهمي يتلاعب به الاحتلال مستخدما قبولنا به لإطالة الامد حتى الوصول الى مرحلة يمكنه من خلالها ان ينهي كافة الاعمال الضرورية لتنفيذ مشاريعه في التهويد والاستيطان وتطبيق مبدا القومية اليهودية بالتخلص من كل المواطنين العرب عبر منحهم حقوق السكن في مناطق حكم ذاتي معزولة تشبه المحميات التي يعيش فيها اصحاب البلاد الاصليين في امريكا دون أي قيمة لوجودهم بعد ان تحولوا الى اقلية تصل نسبتهم الى أقل من 2% وهو ما تسعى دولة الاحتلال وصاحبة مشروع الاحلال الاول في التاريخ الحديث وهي الولايات المتحدة من تكرار تجربتها الفريدة على ارض بلادنا.
بعد عام 1967م بدأت حكومات حزب العمل حملة الاستيطان على الاراضي المحتلة بعد عام وكانت تلك المستوطنان آنذاك عبء كبير على دولة الاحتلال وكان كل مستوطن بحاجة الى جيب عسكري لمرافقته في أي انتقال له داخل بلادنا واليوم صار الاستيطان ظاهرة طبيعية تملأ بلادنا في كل مكان وصرنا نحن من يخشى التنقل على ارضنا, بل ان الاحتلال تمكن من تغيير صورة مناطق بأكملها تحديدا في الجنوب وما بين نابلس ورام الله وكذا مناطق الاغوار والقدس وتمكن بذلك من تنفيذ خطة الون ومشروع شارون النجوم الخمس وهو يقترب بسرعة جنونية من الانتهاء من تنفيذ الخطتين ولا يبدو في الافق ان هناك ما أو من قد يمنعه او يردعه عن ذلك ما دمنا نسمي غودو بالدولتين وننتظر هذا الغودو المزعوم ونحن ندرك جيدا انه لن يأتي مهما طال انتظارنا فالمسافات لا تقترب بالانتظار.
خطاب الرئيس في الامم المتحدة هذه المرة جاء مكرسا لحالة الياس والاحباط والتي لم تحمل اصحابها الى الثورة رسميا بل الى حالة من القبول اليائس بانتظار امل يدرك المنتظرين بانهم ينتظرون سرابا لن يأتي او كمن يقول سأنتظر حتى اموت وبعدها لتفعل الاجيال من بعدي ما تراه مناسبا وبعكس ما اراد الرئيس لخطابه ان يؤثر في دول العالم فقد جاءت النتيجة امعانا احتلاليا بمواصلة الجريمة وتكثيفها حتى يلغي أي امل بحل قد يسعى العالم يوما وان متأخرا لفرضه وكما قبلنا بأنفسنا بمستوطني " بتاح هتكفا " كأول مستوطنة اقامها المهاجرين اليهود الاوائل عام 1878م كأصحاب حق لا يطالب احد اليوم بخروجهم من بلادنا فان احدا غدا لن يعود يقبل خروج مستوطني " اريئيل " وسيتم تكريس القدس كعاصمة لدولة الاحتلال ويقبل العالم عندها بطلبنا المتواصل بالحصول على الحماية الدولية لمحميات السكان الاصليين وكما نسي العالم بما فيهم نحن اولئك المواطنين اصحاب الامريكيتين فانه سينسى غدا وننسى نحن معه حقنا بعد ان ندير ظهورنا بنفسنا لهذا الحق ياسا واحباطا.
ان مواصلة البكاء هي الجريمة الابشع بتاريخنا وهي ستكرس حالة الاحباط والياس وتقود الاجيال القادمة الى النكوص عن القيام بما يجب للحصول على الحق المنهوب علنا وبالتالي فان عدم القيام اليوم بالكفاح من اجل حقنا في العيش في فلسطين حرة واحدة موحدة على قدم المساواة وخالية من أي تمييز عنصري او غيره فان الغد سيحمل لنا انحسارا عن وجونا ووجود فعلنا والتسليم بالأمر الواقع والانتهاء الى ما انتهت اليه امة كاملة كالهنود الحمر ما دمنا نواصل الانقسام فيما بيننا ونحن تحت الاحتلال وننشغل بقضايا تبعدنا مسافات ومسافات عن احقاق الحق ونستجدي حقنا من الاخرين ان يمنحونا اياه بعد تحويل قضيتنا الى قضية انسانية معيشية وتحويل كفاح شعبنا ودم ابطالنا الى استجداء.
احد على الاطلاق على وجه الارض لا يقف الى جانب من يشحذ وكلما اقترب منك من يمد يده تصرخ به " اذهب للعمل ولا تستجدي " تلك هي المقولة التي يقولها لنا الشباب المقاوم اليوم الذي يقدم نفسه قربانا فرديا على مذبح الوطن بعد ان يأس من قيادته, فاذا لم نشمر عن سواعدنا وسيقاننا فان احدا لن يمنح الحرية لمن يشحذها بالبكاء.