ليست مكرمة
تاريخ النشر : 2023-03-30 12:35

يؤكد رئيس الحكومة أن قانوناً مقبلاً سيتم تشريعه وفق الأصول المتبعة يتضمن الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بهدف الحد من المعيقات الواردة في القانون الحالي السائد، فهل حقاً وفعلاً سنصل إلى مستوى الشراكة الجادة بين القطاعين العام والخاص؟؟ وهل حقاً تنتهي تغولات موظفي القطاع العام على القطاع الخاص؟؟.

تعديل القانون، بل القوانين والأنظمة، وتغييرها لجعل القطاع الخاص، شريكا حقيقيا يحظى بالاحترام والمهابة كما يستحق.

ولو أخذنا مثلاً الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، بالقطاع الطبي، نجد أن المستشفيات الخاصة، تقدم خدماتها للحكومة وعنها في أربعة عناوين:
أولاً تقدم الخدمة العلاجية للأردنيين إلى جانب مستشفيات وزارة الصحة، ومستشفيات الخدمات الطبية للقوات المسلحة، مما يعني أن الشراكة المثلثة تجعل القطاع الطبي الخاص من حوالي سبعين مستشفى، منهم حوالي عشرة مستشفيات كبيرة ذات خدمة مميزة تخدم ثلث أو على الأقل ربع الأردنيين للعلاج والاستشفاء، وبذلك فهي تعفي القطاع الطبي العام من كلفة العلاج ومسؤوليتها لنسبة معتبرة من الأردنيين.
ثانياً تقوم بتشغيل أكثر من ثلاثين ألف طبيب وممرض وإداري يعملون لدى المستشفيات الخاصة، برواتب معقولة وضمانات صحية واجتماعية مناسبة، وهي بذلك تعفي القطاع العام من مسؤولية تشغيل هؤلاء المهنيين.
ثالثاً تستوفي ضريبة الدخل مبالغ ملزمة على المستشفيات وعلى الأطباء، مما ترفد الخزينة بأموال تحتاجها.
رابعاً تشكل أحد عناوين الاستثمار الجاذبة حينما تمتلك الإدارة وحسن الأداء، ورقي الخدمة، كما هو حاصل لدى بعض المستشفيات الخاصة باعتبارها استثمارات عربية واجنبية.

مما يدلل أن هذا القطاع الناجح على الأغلب يقدم خدمة متعددة العناوين لمؤسسة الدولة وعناوينها المختلفة، وهذا لا يعني أن العمل والنجاح لدى القطاع الطبي الخاص، أداؤه ونتائجه مريحة وخالية من المتاعب، بدلالة أن هناك ثلاثة مستشفيات هامة كبيرة على الأقل عاجزة عن دفع رواتب العاملين لديها من عدة أشهر، وهي مسؤولية خاصة مترتبة على ملكية هذه المستشفيات وإداراتها، ولكن إذا تحققت حقاً وفعلاً الشراكة يمكن إيجاد الوسائل والأدوات التي تحمي هذه المستشفيات من السقوط والتوقف والخسارة، ليس خدمة لأصحابها ومستثمريها، بل خدمة للأردنيين المستفيدين من خدماتها.

مشكلة العلاقة في التعامل بين القطاع العام والقطاع الخاص، لا تكمن في القوانين والأنظمة التي تجعل حالة التغول من الطرف الأول على مقدرات الطرف الثاني، بل تكمن في النظرة الطبقية العدائية من قبل موظفي القطاع العام نحو مؤسسات القطاع الخاص، نظراً للفوارق الطبقية الملموسة بين واقع موظفي القطاع العام وحياتهم المعيشية، ونظرتهم غير المستحبة لمؤسسات القطاع الخاص وأصحابها.

لقد تعرضت قبل أيام إحدى مؤسسات القطاع الخاص لحملة مركزة مؤذية تفتقر دوافعها للمصداقية، وثبت بطلانها وعدم صحتها، وتراجعت الإشاعة المركزة، ولكن بعد وضع المستشفى المعني في وضع الصدارة أنه تعرض للإغلاق والعقوبة، وفي غير محلها، ولأن مديره له الثقة بالمؤسسة التي يديرها قدم الشكر ليس لمن وقف إلى جانبه وعبر عن دعمه كمظلة حامية، بل لمن روج الإشاعة الكاذبة لأنه وضع المستشفى في مركز الصدارة الإعلامية خاصة بعد فشل الحملة وإحباطها.

المستشفيات الخاصة لديها جمعية، لم تتمكن أن تشكل حقاً رافعة ومظلة لحماية الأعضاء لأسباب عديدة ذاتية تتعلق بضيق اهتمامات الإدارة وتكريسها ذاتياً لعدد محدود، ولأسباب موضوعية خارجة عن إدارتها لأنها لا تملك الولاية الكافية كي تكون متساوية مع مؤسسات القطاع العام.

لا شك أن تغيير القانون في فرض الشراكة بين القطاعين العام والخاص سينعكس ايجاباً على أداء المستشفيات الخاصة وإنهاء التغول عليها.